فصل: قال البقاعي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال أبو علي الجبائي: إنه كان بتحول الأرض التي هم عليها وقت نومهم ويغني الله تعالى عن قبوله.
وروي أنه كان الغمام يظلهم من حر الشمس وينزل عليهم المنّ والسلوى، وجعل معهم حجر موسى عليه السلام يتفجر منه الماء دفعًا لعطشهم، قيل: ويطلع بالليل عمود من نور يضيء لهم ولا يطول شعرهم ولا تبلى ثيابهم كما روي عن الربيع بن أنس، وكانت تشب معهم إذا شبوا كما روى عن طاوس.
وذكر غير واحد من القصاص أنهم كانوا إذا ولد لهم مولود كان عليه ثوب كالظفر يطول بطوله ولا يبلى إلى غير ذلك مما ذكروه.
والعادة تبعد كثيرًا منه فلا يقبل إلا ما صح عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولقد سألت بعض أحبار اليهود عن لباس بني إسرائيل في التيه فقال: إنهم خرجوا من مصر ومعهم الكثير من ثياب القبط وأمتعتهم، وحفظها الله تعالى لكبارهم وصغارهم فذكرت له حديث الظفر، فقال لم نظفر به وأنكره فقلت له: هي فضيلة فهلا أثبتها لقومك؟ فقال: لا أرضى بالكذب ثوبًا، واستشكل معاملتهم بهذه النعم مع معاقبتهم بالحيرة، وأجيب بأن تلك المعاقبة من كرمه تعالى، وتعذيبهم إنما كان للتأديب كما يضرب الرجل ولده مع محبته له ولا يقطع عنه معروفه، ولعلهم استغفروا من الكفر إذا كان قد وقع منهم، وأكثر المفسرين على أن موسى وهرون عليهما السلام كانا معهم في التيه لكن لم ينلهما من المشقة ما نالهم، وكان ذلك لهما روحًا وسلامة كالنار لإبراهيم عليه السلام، ولعل الرجلين أيضًا كانا كذلك.
وروي أن هارون مات في التيه واتهم به موسى عليهما السلام فقالوا: قتله لحبنا له فأحياه الله تعالى بتضرعه، فبرأه مما يقولون، وعاد إلى مضجعه، ومات موسى عليه السلام بعده بسنة، وقيل: بستة أشهر ونصف، وقيل: بثمانية أعوام، ودخل يوشع أريحاء بعده بثلاثة أشهر، وقال قتادة: بشهرين، وكان قد نبىء قبل بمن بقي من بني إسرائيل ولم يبق المكلفون وقت الأمر منهم، قيل ولا يساعده النظم الكريم فإنه بعدما قبل دعوته عليه السلام على بني إسرائيل وعذبهم بالتيه بعيد أن ينجو من نجا، ويقدر وفاة النبيين عليهما السلام في محل العقوبة ظاهرًا، وإن كان ذلك لهما منزل روح وراحة، وأنت تعلم أن الأخبار بموتهما عليهما السلام بالتيه كثيرة لاسيما الأخبار بموت هارون عليه السلام، ولا أرى للاستبعاد محلًا، ولعل ذلك أنكى لبني إسرائيل.
وقيل: إنهما عليهما السلام لم يكونا مع بني إسرائيل في التيه، وأن الدعاء وقد أجيب كان بالفرق بمعنى المباعدة في المكان بالدنيا، وأرى هذا القول مما لا يكاد يصح، فإن كثيرًا من الآيات كالنص في وجود موسى عليه السلام معهم فيه كما لا يخفى.
{فَلاَ تَأْسَ} أي فلا تحزن لموتهم، أو لما أصابهم فيه من الأسى وهو الحزن {عَلَى القوم الفاسقين} الذين استجيب لك في الدعاء عليهم لفسقهم؛ فالخطاب لموسى عليه السلام كما هو الظاهر، وإليه ذهب أجلة المفسرين.
وقال الزجاج: إنه للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد بالقوم الفاسقين معاصروه عليه الصلاة والسلام من بني إسرائيل كأنه قيل: هذه أفعال أسلافهم فلا تحزن أنت بسبب أفعالهم الخبيثة معك وردهم عليك فإنهم ورثوا ذلك عنهم. اهـ.
قال الفخر:
يقال: تاه يتيه تيهًا وتيهًا وتوها، والتيه أعمها، والتيهاء الأرض التي لا يهتدى فيها.
قال الحسن: كانوا يصبحون حيث أمسوا، ويمسون حيث أصبحوا، وكانت حركتهم في تلك المفازة على سبيل الاستدارة، وهذا مشكل فإنهم إذا وضعوا أعينهم على مسير الشمس ولم ينعطفوا ولم يرجعوا فإنهم لابد وأن يخرجوا عن المفازة، بل الأولى حمل الكلام على تحريم التعبد على ما قررناه، والله أعلم. اهـ.

.قال البقاعي:

شرحُ هذه القصة ما بين أيديهم من التوراة وذكرُ بعض ما عذبهم فيه بذنوبهم، قال في السفر الرابع منها: وكلم الرب موسى وقال له: أرسل قومًا يجسون الأرض التي أعطى بني إسرائيل، فأرسلهم موسى من برية فاران رجالًا من رؤساء بني إسرائيل- اثني عشر رجلًا- فيهم كالاب بن يوفنا وهو ساع بن نون، ودعا موسى هوساع بن نون يوشع، وأرسلهم ليستخبروا أرض كنعان وقال لهم: اعرفوا خبر الشعب الذي بها، أقوي هو أم ضعيف؟ أكثير هو أم قليل؟ وما خبر الأرض التي هم فيها، أمخصبة أم لا؟ أفيها شجر أم لا؟ وفي نسخة: وما المدن التي يسكنونها؟ وإن كانت محوَّطًا عليها أم لا؟ وتقووا وخذوا من ثمار الأرض؛ فصعدوا فاستخبروا الأرض، وأخذوا من برية صين حتى انتهوا إلى راحوب التي في مدخل حمات، وصعدوا إلى التيمن فأتوا حبران- وفي نسخة: حبرون- وكان بها بنو الجبابرة، ثم أتوا وادي العنقود وقطعوا قضيبًا من الكرم فيه عنقود عنب، فحمله رجلان بأسطار، ودعوا اسم ذلك الموضع وادي العنقود من أجل ذلك، وأخذوا من الرمان والتين أيضًا، ورجعوا إلى موسى بعد أربعين ليلة إلى برية فاران إلى رقيم، وأخبروا موسى والجماعة كلها خبر الأرض وقالوا: انطلقنا فإذا الأرض تغل اللبن والعسل وهذه ثمارها، ولكن الشعب الذي في الأرض عزيز قوي، وقراهم كبار مشيدة، ورأينا ثَمّ بني الجبابرة، ثم ذكر أن الكنعانيين على ساحل البحر إلى نهر الأردن، قالوا: وكنا عندهم مثل الجراد، كذلك رأينا أنفسنا، فضجت الجماعة كلها ورفعوا أصواتهم بالبكاء، وبكوا في تلك الليلة بكاء شديدًا، وتذمر جميع بني إسرائيل على موسى وهارون في ذلك اليوم وضجوا عليهما، وقال لهما محافل بني إسرائيل كلها: يا ليتنا! متنا بأرض مصر على يدي الرب، وليتنا متنا في هذه البرية ولا يدخلنا الرب إلى الإرض التي نصرع فيها قتلًا! وتنتهب مواشينا وأهلونا! كان المنون بأرض مصر خيرًا لنا، وقال كل امرىء منهم لأخيه: اجتمعوا حتى نصيّر علينا رئيسًا، ونرجع إلى أرض مصر، فخر موسى وهارون على وجوههما ساجدين بين يدي جماعة بني إسرائيل كلها، فأما يشوع ابن نون وكالاب بن يوفنا اللذان كانا من الجواسيس فقالا: الأرض مخصبة جدًا، فإن شاء الرب دفعها إلينا، فهي أرض تغل السمن والعسل، فلا تعصوا الرب ولا تفتتنوا ولا تخافوا شعب هذه الأرض لأن أهلها مبذولون لنا مثل الطعام للأكل، واعلموا أن قويهم سيضعف وتزول عنهم شدتهم، ونحن الغالبون لأن الرب معنا، فلا تفرقوا منهم، وظهر مجد الرب بالسحابة في قبة الزمان تجاه بني إسرائيل، وقال الرب لموسى: إلى متى يسخطني هذا الشعب؟ وكم إلى كم لا يصدقونني؟ ألم يروا جميع الآيات التي أتيتهم بها؟ سأضربهم بالموت وأهلكهم، وأصيرك الشعب أعظم من هذا وأعزّ منهم، فقال موسى أمام الرب: يسمع أهل مصر الذين أخرجت هذا الشعب من بينهم بقوتك، ويقول لسكان هذه الأرض أيضًا الذين سمعوا أنك رب هذا الشعب، فإن أنت قتلت هذا الشعب جميعًا كرجل واحد تقول الشعوب التي بلغها خبرك: إن الرب لم يقدر أن يدخل هذا الشعب الأر ض التي كان وعد إياهم، فلذلك قتلهم في البرية، فلتعظم قوتك الآن يا رب كما وعدت وقلت! يا رب أنت ذو المودة والنعمة، تغفر الإثم والخطايا، وتزكي من ليس بمزكي، اغفر يا رب كما غفرت لهم مذ خرجوا من أرض مصر إلى الآن! فقال الرب لموسى: قد غفرت لهم لقولك ولكني حي قيوم، أقسم بذلك وبمجدي الذي امتلأت الأرض كلها منه أن جميع الرجال الذين عاينوا مجدي والآيات التي أظهرت لهم بمصر والفضاء، وجربوني عشر مرات، ولم يطيعوني ولم يقبلوا قولي، لا يعاينون الأرض التي أقسمت لآبائهم أني أعطيهم، ولا يدخلها أحد من الذين أغضبوني، فأقبلوا غدًا وارتحلوا إلى طريق بحر سوف؛ وقال الرب: إلى متى تغفرُ هذه الجماعة الرديئة بين يدي؟ فبي أقسم أنكم تصيرون إلى ما قلتم، وكما فكرتم ذلك يصيبكم في هذه البرية، فتسقط جثثكم فيها وتبلى أجسادكم ويهلك كل عددكم وحسابكم من ابن عشرين سنة إلى فوق، لأنكم تشوشتم وتذمرتم عليّ، لا تدخلوا الأرض التي رفعت يدي لأنزلكم فيها، لوا يدخلها إلا كالاب بن يوفنا ويوشع بن نون، وأما مواشيكم التي قلتم: إنها تنتهب، وبنوكم الذين لا يعلمون الخير من الشر فهم يدخلون الأرض وأصيّرهم إليها وأورثهم الأرض، فأما جيفكم فتسقط وتبلى في هذه البرية.
وتمكث بنوكم يترددون في هذه المفازة أربعين سنة، يعاقبون حتى تهلك جثثكم في هذه البرية على عدد الأيام التي اجتس الجواسيس الأرض فيها، لكل يوم سنة، وتعاقبون بإثمكم، لكل يوم سنة، أربعين سنة لأربعين يومًا، فتعلمون أني إنما فعلت ذلك لتذمركم بين يدي، أنا الرب قلت: كذلك أصنع بهذه الجماعة الرديئة التي اجتمعت بين يدي، تهلك في هذه البرية، يموتون كلهم، والقوم الذين أرسلهم موسى أن يجتسوا الأرض له فانقلبوا وشغبوا عليه وأفسدوا الجماعة كلها، وذلك أنهم أخبروا الشعب في أمر الأرض خبرًا رديئًا، ومات القوم الذين أخبروا الخبر السوء موت الفجاءة أمام الرب، فأما يشوع وكالاب فنجوا من الموت، ولم يهلكا مع الذين استخبروا الأرض، فأخبر موسى بني إسرائيل هذه الأقوال، وجلسوا في حزن شديد وقالوا: نحن صاعدون إلى الموضع الذي أمر الرب ونقر بخطايانا، قال لهم موسى: اعلموا أنكم لا تنجحون ولا يتم أمركم، لا تصعدوا لأن الرب ليس معكم لئلا يهزمكم أعداؤكم، فإن صعدتم هزمتم وقتلتم، لأنكم أغضبتم الرب ورجعتم عن قوله، فلذلك لا يكون الرب معكم، فصعد القوم إلى رأس الجبل، فأما تابوت عهد الرب وموسى النبي فلم يبرحا من العسكر، ونزل العملقانيون الذين يسكنون ذلك الجبل وحاربوهم وهزموهم، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة وطردوهم إلى حرما؛ وكان ذكر قبل ذلك في السفر الثاني وقبل معصيتهم في أمر الجواسيس قتالهم في رفيدين ورقيم لعماليق فقال ما نصه: وإن عماليق جاء ليقاتل بني إسرائيل برفيدين فقال موسى ليشوع: اختر رجلًا من أهل الجلد والشدة واخراج بنا نقاتل عماليق غدًا وأنا واقف على رأس الأكمة، وقضيب الله في يدي، فصنع يشوع كما قال له موسى فخرج إلى حرب عماليق، وصعد موسى وهارون وحور إلى رأس الجبل، وكان موسى إذا رفع يده قوى بنو إسرائيل، وإذا خفض يده قوى عماليق، فأعيت يدُ موسى فأخذ حجارة فوضعها تحته، ثم استوى عليها جالسًا، وكان هارون وحور يدعمان يديه، أحدهما يمينًا والآخر شمالًا حتى غربت الشمس، فهزم يشوع عماليق ومن معه وقتلوهم بحد السيف، فقال الرب لموسى: اكتب هذا الأمر في سفر الكتاب وضعه أما يشوع بن نون، لأني أمحق وأبيد ذكر عماليق من تحت السماء، فبنى للرب مذبحًا، ودعا اسمه الله علمي، ثم قال: وأرسل رسلًا من رقيم إلى ملك أدوم بأنهم نازلون في رقيم- القرية التي في حد بلاده- واستأذنه في الجواز في بلاده، فهددهم بالمقاتلة فقالوا: لا نشرب لك ماء إلا بثمن، فقال: لا تجوزوا في حدي، وخرج إليهم بجيش عظيم وسلاح شاك فصغا بنو إسرائيل عنه وظعنوا من رقيم، وأتى جميع بني إسرائيل إلى هور الجبل حيث توفي هارون، ثم قال: ونزل موسى وإليعازر من الجبل، فرأت محافل بني إسرائيل كلها أن هارون قد توفي، وبكى على هارون جميع بني إسرائيل ثلاثين يومًا، وسمع الكنعاني ملك عراد الذي كان يسكن التيمن أن بني إسرائيل قد نزلوا في طريق الجواسيس فحاربهم وسبى منهم قومًا، فنذر بنو إسرائيل نذرًا للرب وقالوا: إن أنت دفعت إلينا هذا الشعب يا رب وقويتنا عليه جعلنا قراهم حريمة للرب، فسمع الرب أصوات بني إسرائيل ودفع إليهم الكنعانيين وقوّاهم عليهم، وهزموهم وقتلوهم وجعلوا قراهم حريمة للرب ودعوا اسم تلك البلاد حريمة، فظعن الشعب من هور الجبل في طريق بحر سوف ليدوروا حول أرض أدوم، ففزعت أنفس الشعب من شدة الطريق وكلّت، وتذمر الشعب على الله وعلى موسى وقالوا: لِمَ أصعدتنا من مصر؟ لتميتنا في موضع ليس فيه خبز ولا ماء، قد ضاقت أنفسنا من قلة الطعام، فسلط الله عليهم حيات فنهشت قومًا من الشعب ومات منهم كثير، فاجتمعوا إلى موسى وقالوا: قد أخطأنا إذ تذمرنا على الله وعليك، صل أمام الرب لتنصرف عنا الحيات، فصلى موسى فقال الرب له: اتخذ حية من نحاس مثال الحية وارفعها على خشبة علامة، ومن نهشته حية ينظر إلى الحية المعلقة فيبرأ، ففعل ذلك، فطعن بنو إسرائيل فنزلوا أبوت، ثم ارتحلوا من أبوت ونزلوا على عين العبرانيين التي في البرية أمام أرض موآب في الجانب الشرقي وحيث مشارق الشمس، ثم ظعنوا من هناك ونزلوا وادي زرود، وارتحلوا من هناك ونزلوا عبر أرنون في البرية أمام أرض موآب في الجانبين التي تخرج من حد الأمورانيين وهي في حد الموآبيين، ولذلك يقال في كتاب حروب الرب: واهب في سوفة ووادي أرنون ومصب الأودية المائلة إلى سكان عار التي تنتهي إلى حد الموآبيين؛ ثم أرسل بنو إسرائيل رسلًا إلى سيحون ملك الأمورانيين وقالوا له: نجوز في أرضك من غير أن نطأ لك حقلًا ولا كرمًا، ولا نشرب من ماء جناتك، ولكن نلزم الطريق الأعظم حتى نجوز أرضك، فأبى سيحون وجمع جميع أجناده وخرج إلى البرية وحارب بني إسرائيل، فقتل بنو إسرائيل سيحون وأصحابه وورثوا أرضه، وصعدوا إلى أرض متنين، وخرج عوج ملك متنين إليهم هو وأجناده ليحاربهم في أدرعى، وقال الرب لموسى: لا تخفه لأني دافعة في يدك وأصيّر جميع شعبه وأرضه في يدك، فاصنع به كما صنعت بسيحون ملك الأمورانيين، فلما حاربوه قتل هو وبنوه وجميع شعبه ولم يبق منهم أحد، فظعن بنو إسرائيل ونزلوا عربات موآب التي عند أردن إريحا؛ ثم ذكر قصة بلعام بن باعور وغيرها وقال: ثم قال الرب لموسى: اصعد إلى هذا الجبل جبل العبرانيين، وانظر إلى أرض كنعان التي أعطى بني إسرائيل، فإذا نظرت إليها اجتمع معك شعبك، وصر إلى ما صار إليه آباؤك كما صار [إليه] هارون أخوك، فتكلم موسى أمام الرب وقال: يأمر الله رجلًا يريد الجماعة ويدخل ويخرج أمامهم، ويدخلهم ويخرجهم لكيلا تكون جماعة الرب كالغنم التي ليس لها راعٍ، فقال الرب لموسى: اعمد إلى يشوع بن نون- رجل عليه من الروح نعمة- فضع يدك عليه، وأقمه بين يدي إليعازر الحبر أمام الجماعة كلها ومن تجاههم قبلًا، وأعطه من المجد الذي عليك، فتطيعه جماعة بني إسرائيل كلها، ويقوم بين يدي إليعازر الحبر ليكون يسأل الرب عن حوائجه وسننه، ويحفظ بنو إسرائيل قوله، وعن قوله يخرجون وعن قوله يدخلون، وفعل موسى كالذي أمره الله في يوشع وغيره- ثم ذكره أشياء من القرابين والأعياد وفتح مدين وبقية قصة بلعام وغير ذلك ثم قال: وكثرت مواشي بني روبيل وبني جاد جدًا، ونظروا إلى يعزير وأرض جلعاد أنه موضع يصلح للمواشي فقالوا لموسى: إن نحن ظفرنا منك برحمة ورأفة تعطي هذه الأرض لعبيدك ميراثًا ولا تجزنا نهر الأردن، فقال موسى: إخوتكم يخرجون إلى الحرب وأنتم تستقرون هاهنا؟ لِمَ تكسرون قلوب إخوتكم أن لا يجوزوا إلى الأرض التي يعطيهم الرب ميراثًا! هكذا صنع أيضًا آباؤكم فاشتد غضب الرب عليهم، وأقسم أنه لا يعاين أحد منهم الأرض التي وعدت بها آباءهم، لأنهم لم يتموا قولي ولم يتبعوا وصيتي ما خلا كالاب بن يوفنا القنزابي ويشوع بن نون، إنهما أتما قول الرب فاشتد غضب الرب على بني إسرائيل وتَوَّههُمْ في البرية أربعين سنة حتى هلك حقب الرجال الذين أسخطوا الرب، وأنتم اليوم أيضًا تريدون أن ينزل غضب الرب ببني إسرائيل، وإن أنتم انقلبتم عن أمر الرب أيضًا يعود أن يُتَوِّهَكم في التيه، فتفسدون على جميع هذا الشعب، فدنا منه القوم وقالوا: نبني هاهنا قرى لعيالاتنا وحظائر لأنعامنا، ونحن نتسلح أمام بني إسرائيل حتى ندخلهم إلى مواضعهم ولا نرجع إلى بيوتنا حتى يرث بنو إسرائيل كل إنسان ميراثه، ولا نرث معهم من عبر الأردن وما خلف ذلك، لأنا قد قبضنا ميراثنا في مجاز الأردن في مشارق الشمس، فقال لهم موسى: إذا أنتم فعلتم هذا الفعل وتسلحتم أمام ربكم، حينئذ ترجعون وتستجلبون أرضكم ويرضى بنو إسرائيل عنكم، وتصير هذه الأرض لكم ميراثًا، وإن لم تفعلوا هذا تصيروا أمام الرب خطأة، واعلموا أن خطاياكم تدرككم، ثم قال: وهذه خطأ عن بني إسرائيل حيث خرجوا من أرض مصر- فذكر ما تقدم في البقرة، ثم قال: وارتحلوا من مقبرة الشهوة ونزلوا حضروت، وظعنوا من حضروت ونزلوا رثما، وارتحلوا من رثما ونزلوا رمّون فرص، وظعنوا من رمّون فرص ونزلوا لبنا- وفي نسخة: لبونا- وارتحلوا من لبنا ونزلوا أراسيا- وفي نسخة: رسا- وظعنوا من أراسيا أو رسا ونزلوا قهاث- وفي نسخة: بقهالاث- وارتحلوا من قهاث ونزلوا جبل شافار- وفي نسخة: شافر- وارتحلوا من جبل شافار ونزلوا حرادة- وفي نسخة: حرذا- وارتحلوا من حرادة- وفي نسخة: حارذا- ونزلوا مقهلوث- وفي نسخة: مهقلوث- وظعنوا من مقهلوث نزلوا تحاث- وارتحلوا من تحاث ونزلوا ترح، وارتحلوا من ترح ونزلوا مثقا، وارتحلوا من مثقا ونزلوا حشمونا، وظعنوا من حشمونا ونزلوا مسروت، وارتحلوا من مسروت ونزلوا بحيّ بني يعقان، وظعنوا من حيّ بني يعقان ونزلوا جبل جدجاد، وارتحلوا من جدجاد ونزلوا يطبث- وفي نسخة: يطباثا- وظعنوا من يطبث ونزلوا عجرونا- وفي نسخة: عبرونا- وارتحلوا من عجرونا ونزلوا عصيون جابر وهي قلزم، ورحلوا من عصيون جابر ونزلوا بَرَّصين- وفي نسخة: برية صين المعروفة بقداش- وهي رقيم، وظعنوا من قداش ونزلوا هور الجبل الذي في أقاصي أرض أدوم- وفي نسخة: وظعنوا من برية صين فنزلوا في قفر فاران وهي القدس، وارتحلوا من القدس فنزلوا في جبل هور بحذاء أرض أدوم وهي الروم- وصعد هارون الحبر عن قول الله إلى هور الجبل، وتوفي هناك في سنة أربعين بخروج بني إسرائيل من أرض مصر في الشهر الأول أول يوم منه، وقد كان أتى على هارون يوم توفي مائة وثلاث وعشرون سنة، وبلغ الكنعاني ملك حديا الساكن بالتيمن في أرض كنعان- وفي نسخة: عراد الساكن في الداروم في بلد ماءب- أن بني إسرائيل أتوا حده، فينون من هور الجبل ونزلوا صلمونا، وارتحلوا من صلمونا ونزلوا فينون وظعنوا من فينون ونزلوا أبوث- وفي نسخة: أباث- وارتحلوا من أبوث ونزلوا العين المعروفة بالعبرانيين على حد موآب- وفي نسخة: ونزلوا عايا في العين على تخوم موآب- وارتحلوا من عايا فنزلوا جاد- وفي نسخة: ورحلوا من عين العبرانيين ونزلوا ديبون قرية جاد- وارتحلوا من قرية جاد ونزلوا علمون التي دبلثيم- وفي نسخة: دبلاثيم- وظعنوا من علمون التي دبلثيم- وفي نسخة: دبلاثيم- فنزلوا جبل العبرانيين الذي أمام نابو، وارتحلوا من جبل العبرانيين ونزلوا عربة موآب التي بأردن يريحا- وفي نسخة: ونزلوا مغارب موآب على الأردن قبالة يريحا- ونزلوا على شاطىء الأردن من عند أشيموت إلى آبل شاطيم التي عند عربة موآب- وفي نسخة: قبالة مغارب موآب.